قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾.
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة ثلاث صفات من صفات نساء أهل الجنّة:
الأولى : أنهن ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾، وهو العين، أي: عيونهن قاصرات على أزواجهن، لا ينظرن إلى غيرهم لشدة اقتناعهن واكتفائهن بهم.
الثانية : أنهن ﴿عِينٌ﴾، والعين جمع عيناء، وهي واسعة دار العين، وهي النجلاء.
الثالثة : أن ألوانهن بيض بياضًا مشربًا بصفرة؛ لأن ذلك هو لون بيض النعام الذي شبّههن به، ومنه قول امرىء القيس في نحو ذلك:
كبكر المقانات البياض بصفرة | غذاها غير الماء نمير المحلّل |
من القاصرات الطرف لو دبّ محمول | من الذرّ فوق الأتب منها لأثرا |
واعلم أن اللَّه أثنى عليهن بنوعين من أنواع القصر:
أحدهما: أنهن ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾، والطرف العين، وهو لا يجمع ولا يثنّى لأن أصله مصدر، ولم يأتِ في القرءان إلا مفردًا؛ كقوله تعالى: ﴿لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ﴾، وقوله تعالى: ﴿يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾، ومعنى كونهن ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ هو ما قدّمنا من أنهن لا ينظرن إلى غير أزواجهن بخلاف نساء الدنيا.