الذي أحسوا أوائله، كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾، وهذا النوع الأخير هو الأنسب والأليق بالمقام، لدلالة قوله: ﴿وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ عليه.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ الذي هو المسألة الثالثة، معناه: ليس الحين الذي نادوا فيه، وهو وقت معاينة العذاب، ﴿حِينَ مَنَاصٍ﴾، أي ليس حين فرار ولا ملجأ من ذلك العذاب الذي عاينوه.
فقوله: ﴿وَلاتَ﴾ هي لا النافية زيدت بعدها تاء التأنيث اللفظية كما زيدت في ثم، فقيل فيها ثمت، وفي رب، فقيل فيها ربت.
وأشهر أقوال النحويين فيها: أنها تعمل عمل ليس، وأنها لا تعمل إلا في الحين خاصة، أو في لفظ الحين ونحوه من الأزمنة، كالساعة والأوان، وأنها لا بد أن يحذف اسمها أو خبرها والأكثر حذف المرفوع منهما وإثبات المنصوب، وربما عكس، وهذا قول سيبويه وأشار إليه ابن مالك في" الخلاصة" بقوله:
في النكرات أعملت كليس «لا» | وقد تلى «لات» و«إن» ذا العملا |
وما للات في سوى حين عمل | وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل |
والمناص والملجأ والمفر والموئل معناها واحد، والعرب تقول: استناص إذا طلب المناص، أي السلامة والمفر مما يخافه، ومنه قول حارثة بن بدر:
غمر الجراء إذا قصرت عنانه | بيدي استناص ورام جري المسحل |