قوله: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا﴾، هو الخطاب بصيغة المفرد، الذي يراد به عموم كل من يصح خطابه. كقول طرفة بن العبد في معلقته:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا | ويأتيك بالأخبار من لم تزود |
قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً﴾.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في آخر سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾، وفي آخر سورة ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾. في الكلام على قوله: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً﴾.
قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾.
الإشارة في قوله ﴿ذَلِكَ﴾ راجعة إلى المصدر الكامن في الفعل الصناعي، ﴿ذَلِكَ﴾ أي: خلقنا السماوات والأرض باطلاً هو ظن الذين كفروا بنا، والنفي في قوله: ﴿َما خَلَقْنَا﴾، منصب على الحال لا على عاملها الذي هو خلقنا، لأن المنفي بأداة النفي التي هي ما: ليس خلقه للسماوات والأرض، بل هو ثابت، وإنما المنفي بها، هو كونه باطلاً، فهي حال شبه العمدة وليست فضلة صريحة، لأن النفي منصب عليها هي خاصة، والكلام لا يصح دونها. والكلام في هذا معلوم في محله، ونفي كون خلقه تعالى للسماوات والأرض باطلاً نزه عنه نفسه ونزهه عنه عباده الصالحون، لأنه لا يليق بكماله وجلاله تعالى.
أما تنزيهه نفسه عنه ففي قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا