وقد قدمنا مراراً كون "لعل" من حروف التعليل، وذكر حكمة التبيين المذكورة مع حكمة الهدى والرحمة، في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
وبين أن من حكم إنزاله: تثبيت المؤمنين والهدى والبشرى للمسلمين في قوله تعالى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾.
وبين أن من حكم إنزاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن يحكم بين الناس بما أراه الله، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾.
والظاهر أن معنى قوله: ﴿بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ﴾ أي: بما علمك من العلوم في هذا القرآن العظيم، بدليل قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾. وقوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾.
وبين جل وعلا أن من حكم إنزاله: إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وذلك في قوله تعالى: ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾.
وبين أن من حِكَم إنزاله التذكرة لمن يخشى في قوله تعالى: ﴿طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾، أي: ما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشى.
وهذا القصر على التذكرة إضافي، وكذلك القصر في قوله تعالى الذي ذكرناه قبل هذا ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾، بدليل الحِكَم الأخرى التي ذكرناها.
وبين أن من حكم إنزاله قرآناً عربياً وتصريف الله فيه من أنواع الوعيد: أن يتقي


الصفحة التالية
Icon