كنت القذى في موج أكدر مزيد قذف الأتى به فضل ضلالا
وقول الآخر:
ألم تسأل فتخبرك الديار عن الحي المضلل أين ساروا
وزعم بعض أهل العلم أن للضلال إطلاقًا رابعًا، قال: ويطلق أيضًا على المحبّة، قال: ومنه قوله: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾، قال: أي في حبّك القديم ليوسف، قال: ومنه قول الشاعر:
هذا الضلال أشاب مني المفرقا والعارضين ولم أكن متحقّقا
عجبًا لعزة في اختيار قطيعتي بعد الضلال فحبلها قد أخلقا
وزعم أيضًا أن منه قوله: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى﴾، قال: أي محبًّ للهداية فهداك، ولا يخفى سقوط هذا القول، والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ﴾.
خوفه منهم هذا الذي ذكر هنا أنه سبب لفراره منهم، قد أوضحه تعالى وبيّن سببه في قوله: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، وبيّن خوفه المذكور بقوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ﴾.
قوله تعالى: ﴿فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة لابتداء رسالته المذكورة هنا في سورة "مريم"، وغيرها.
وقوله: ﴿فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً﴾، قال بعضهم: الحكم هنا هو النبوّة، وممن يروى عنه ذلك السدي.
والأظهر عندي: أن الحكم هو العلم الذي علّمه اللَّه إيّاه بالوحي، والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon