فمن ذلك الإيمان والتقوى، وذلك في قوله تعالى في سورة يونس: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [يونس: ٦٢-٦٣].
ومن ذلك الاستقامة، وقولهم: ﴿رَبُّنَا اللَّهُ﴾، وذلك في قوله في فصلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا﴾ [فصلت: ٣٠]، وقوله تعالى في الأحقاف: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأحقاف: ١٣]، إلى غير ذلك من الآيات.
والخوف في لغة العرب: الغم من أمر مستقبل.
والحزن: الغم من أمر ماض.
وربما استعمل كل منهما في موضع الآخر، وإطلاق الخوف على العلم أسلوب عربي معروف.
قال بعض العلماء: ومنه قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩].
قال معناه: إلا أن يعلما.
ومنه قول أبي محجن الثقفي:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة | تروي عظامي في الممات عروقها |
ولا تدفني في الفلاة فإنني | أخاف إذا ما مت ألا أذوقها |
وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ ظاهره المغايرة بين الإيمان والإسلام.
وقد دل بعض الآيات على اتحادهما كقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذريات: ٣٥-٣٦].
ولا منافاة في ذلك، فإن الإيمان يطلق تارة على جميع ما يطلق عليه الإسلام من الاعتقاد والعمل، كما ثبت في الصحيح، في حديث وفد عبد القيس، والأحاديث بمثل ذلك كثيرة جدا.