الكتاب" في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: ﴿قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١٢٨]، وفي سورة النبأ في الكلام على قوله تعالى: ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً﴾ [النبأ: ٢٣]، وسنوضحه أيضا إن شاء الله، في هذا الكتاب المبارك في الكلام على آية النبأ المذكورة، ونوضح هناك إن شاء الله إزالة إشكال يورده الملحدون على الآيات التي فيها إيضاح هذا المبحث.
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ [الزخرف: ٧٨].
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الشورى في الكلام على قوله تعالى: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى: ١٣].
قوله تعالى: ﴿بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: ٨٠]، قد قدمنا الآيات الموضحة له في هذه السورة الكريمة، في الكلام على قوله تعالى: ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ﴾ [الزخرف: ١٩]، وأكثرنا من الآيات الموضحة لذلك في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾ [مريم: ٧٩].
قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾.
اختلف العلماء في معنى ﴿إِنْ﴾ في هذه الآية، فقالت جماعة من أهل العلم إنها شرطية، واختاره غير واحد، وممن اختاره ابن جرير الطبري، والذين قالوا إنها شرطية، اختلفوا في المراد بقوله: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾.
فقال بعضهم: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ لذلك الولد.
وقال بعضهم: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ لله على فرض أن له ولدا.
وقال بعضهم: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ لله جازمين بأنه لا يمكن أن يكون له ولد وقالت جماعة آخرون: إن لفظة ﴿إِنْ﴾ في الآية نافية.
والمعنى ما كان لله ولد، وعلى القول بأنها نافية ففي معنى قوله: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ ثلاثة أوجه:
الأول، وهو أقربها: أن المعنى ما كان لله ولد فأنا أول العابدين لله، المنزهين له


الصفحة التالية
Icon