وهو زعمه الخبيث أن الله إن كان خالقا للكفر في القلوب، ومعذبا عليه فهو شيطان لا إله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
فانظر رحمك الله فظاعة جهل هذا الإنسان بالله، وشدة تناقضه في المعنى العربي للآية.
لأنه جعل قوله: إن كان الله خالقا للكفر ومعذبا عليه بمعنى ﴿إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ﴾ في أن الشرط فيهما مستحيل، وجعل قوله في الله أنه شيطان لا إله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
كقول النبي ﷺ :"أنا أول العابدين".
فاللازم لكلامه أن يقول: لو كان خالقا للكفر فأنا أول العابدين له، ولا يخفي أن الادعاء على الله أنه شيطان مناقض لقوله: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾.
وقد أعرضت عن الإطالة في بيان بطلان كلامه، وشدة ضلاله، وتناقضه لشناعته ووضوح بطلانه، فهي عبارات مزخرفة، وشقشقة لا طائل تحتها، وهي تحمل في طياتها الكفر والجهل بالمعنى العربي للآية، والتناقض الواضح وكم من كلام مليء بزخرف القول، وهو عقيم لا فائدة فيه، ولا طائل تحته كما قيل:

وإني وإني ثم إني وإنني إذا انقطعت نعلي جعلت لها شسعا
فظل يعمل أياما رويته وشبه الماء بعد الجهد بالماء
واعلم أن الكلام على القدر، وخلق أفعال العباد، قدمنا منه جملا كافية في هذه السورة الكريمة، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾ [الزخرف: ٢٠]، ولا يخفي تصريح القرآن بأن الله خالق كل شيء، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد: ١٦]، وقال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ [الفرقان: ٢]، وقال: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩].
فالإيمان بالقدر خيره وشره الذي هو من عقائد المسلمين جعله الزمخشري يقتضي أن لله شيطان، سبحان الله وتعالى عما يقوله الزمخشري علوا كبيرا.


الصفحة التالية
Icon