وقال بعضهم: هو منصوب بيعلم محذوفة لأن العطف الذي ذكرنا على قوله: ﴿سِرَّهُمْ﴾، والعطف على ﴿السَّاعَةِ﴾ يقال فيه إنه يقتضي الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يصلح لكونه اعتراضا، وتقدير الناصب إذا دل المقام عليه لا إشكال فيه. كما قال في الخلاصة:

ويحذف الناصبها إن علما وقد يكون حذفه ملتزما
وأما على قراءة الخفض، فهو معطوف على ﴿السَّاعَةِ﴾، أي ﴿وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾، وعلم ﴿قِيلِهِ يَا رَبِّ﴾.
واختار الزمخشري أنه مخفوض بالقسم، ولا يخفي بعده كما نبه عليه أبو حيان.
والتحقيق أن الضمير في ﴿قِيلِهِ﴾، للنبي ﷺ.
والدليل على ذلك، أن قوله بعد: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ﴾ [الزخرف: ٨٩]، خطاب له ﷺ بلا نزاع، فادعاء أن الضمير في ﴿قِيلِهِ﴾ لعيسى لا دليل عليه ولا وجه له.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من شكواه صلى الله عليه وسلم، إلى ربه عدم إيمان قومه، جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً﴾ [الفرقان: ٣٠]، وذكر مثله عن موسى في قوله تعالى في الدخان: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ﴾ [الدخان: ٢٢]، وعن نوح قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراًفَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً﴾ [نوح: ٥-٦]، إلى آخر الآيات.
قوله تعالى: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾.
قرأ هذا الحرف ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ بياء الغيبة، وقرأ نافع وابن عامر " فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" بتاء الخطاب.
وهذه الآية الكريمة تضمنت، ثلاثة أمور:
الأول: أمره ﷺ بالصفح عن الكفار.
والثاني: أن يقول لهم سلام.


الصفحة التالية
Icon