[محمد: ١٧]، وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]، إلى غير ذلك من الآيات.
وقد أوضحنا في سورة فصلت أن معرفة إطلاق الهدى المذكورين، يزول بها الإشكال الواقع في آيات من كتاب الله.
والهدى مصدر هداه على غير قياس، وهو هنا من جنس النعت بالمصدر، وبينا فيما مضى مرارا أن تنزيل المصدر منزلة الوصف إما على حذف مضاف، وإما على المبالغة.
وعلى الأول فالمعنى هذا القرآن ذو هدى أي يحصل بسببه الهدى لمن اتبعه كقوله: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩].
وعلى الثاني فالمعنى أن المراد المبالغة في اتصاف القرآن بالهدى حتى أطلق عليه أنه هو نفس الهدى.
وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾، أصح القولين فيه أن المراد بالرجز العذاب، ولا تكرار في الآية لأن العذاب أنواع متفاوتة والمعنى لهم عذاب، من جنس العذاب الأليم، والأليم معناه المؤلم. أي الموصوف بشدة الألم وفظاعته.
والتحقيق إن شاء الله: أن العرب تطلق الفعيل وصفا بمعنى المفعل، فما يذكر عن الأصمعي من أنه أنكر ذلك إن صح عنه فهو غلط منه، لأن إطلاق الفعيل بمعنى المفعل معروف في القرآن العظيم وفي كلام العرب، ومن إطلاقه في القرآن العظيم قوله تعالى: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠٤]، أي مؤلم وقوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١١٧] أي مبدعهما وقوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ﴾ [سبأ: ٤٦]، أي منذر لكم، ونظير ذلك من كلام العرب قول عمرو بن معد يكرب:
أمن ريحانة الداعي السميع | يؤرقني وأصحابي هجوع |
فقوله الداعي السميع يعني الداعي المسمع، وقوله أيضا:
وخيل قد دلفت لها بخيل | تحية بينهم ضرب وجيع |
أي موجع. وقول غيلان بن عقبة: