وقوله: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ [النحل: ١٠٠]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه ولي المتقين، وهم الذين يمتثلون أمره ويجتنبون نهيه.
وذكر في موضع آخر أن المتقين أولياؤه فهو وليهم وهم أولياؤه لأنهم يوالونه بالطاعة والإيمان، وهو يواليهم بالرحمة والجزاء، وذلك في قوله تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أوليَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [يونس: ٦٢].
ثم بين المراد بأوليائه في قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [يونس: ٦٣]، فقوله تعالى: ﴿وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ كقوله في آية الجاثية هذه: ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾.
وقد بين تعالى في آيات من كتابه أنه ولي المؤمنين، وأنهم أولياؤه كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [المائدة: ٥٥]، وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [محمد: ١١]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٦]، وقوله تعالى في الملائكة: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾ [سبأ: ٤١]، إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه بأبسط من هذا.
قوله تعالى: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
الإشارة في قوله: ﴿هَذَا﴾ للقرآن العظيم.
والبصائر جمع بصيرة والمراد بها البرهان القاطع الذي لا يترك في الحق لبسا كقوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف: ١٠٨]، أي على علم ودليل واضح.
والمعنى أن هذا القرآن براهين قاطعة، وأدلة ساطعة، على أن الله هو المعبود وحده، وأن ما جاء به محمد ﷺ حق.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن القرآن بصائر للناس جاء موضحا في مواضع أخر من كتاب الله كقوله تعالى في أخريات الأعراف: {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ