أجل مسمى، أي وقت معين محدد ينتهي إليه أمد السماوات والأرض، وهو يوم القيامة كما صرح الله بذلك في أخريات الحجر في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ﴾ [الحجر: ٨٥].
فقوله في الحجر: ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ﴾ بعد قوله: ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ يوضح معنى قوله في الأحقاف: ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً﴾.
وقد بين تعالى في آيات من كتابه أن للسماوات والأرض أمدا ينتهي إليه أمرهما. كما قال تعالى: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]، وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨]، وقوله: ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾ [التكوير: ١١] وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ [المزمل: ١٤]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾.
ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الكفار معرضون عما أنذرتهم به الرسل جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله تعالى في البقرة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: ٦]، وقوله في يس: ﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [يس: ١٠]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ [الأنعام: ٤]، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
والإعراض عن الشيء الصدود عنه، وعدم الإقبال إليه.
قال بعض العلماء: وأصله من العرض بالضم، وهو الجانب، لأن المعرض عن الشي يوليه بجانب عنقه. صادا عنه.
والإنذار: الإعلام المقترن بتهديد، فكل إنذار إعلام وليس كل إعلام إنذارا.
وقد أوضحنا معاني الإنذار في أول سورة الأعراف.
﴿وَمَا﴾ في قوله: ﴿عَمَّا أُنْذِرُوا﴾ قال بعض العلماء هي موصولة، والعائد محذوف، أي الذين كفروا معرضون عن الذي أنذروه، أي خوفوه من عذاب يوم


الصفحة التالية
Icon