هذه الدعوى في آيات كثيرة كقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ [يونس: ٣٨]، وقوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾ [هود: ١٣]، وقوله تعالى: ﴿وماوَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [يونس: ٣٧]، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾ أي إن كنت افتريت هذا القرآن على سبيل الفرض.
والتقدير: عاجلني الله بعقوبته الشديدة، وأنتم لا تملكون لي منه شيئا، أي لا تقدرون أن تدفعوا عني عذابه إن أراد أن يعذبني على الافتراء.
فكيف أفتريه لكم، وأنتم لا تقدرون على دفع عذاب الله عني؟
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦-٤٧].
فقوله تعالى في آية الحاقة هذه: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾ كقوله في آية الأحقاف: ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ﴾.
وقوله في الحاقة: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ يوضح معنى قوله: ﴿فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾، لأن معنى قوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾، أنهم لا يقدرون على أن يحجزوا عنه أي يدفعوا عنه عقاب الله له بالقتل، لو تقول عليه بعض الأقاويل.
وذلك هو معنى قوله: ﴿فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾ أي لا تقدرون على دفع عذابه عني.
ونظير ذلك في المعنى قوله تعالى: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾ [المائدة: ١٧]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾ [المائدة: ٤١].
وما تضمنته آية الأحقاف هذه وآية الحاقة المبينة لها من أنه لو افترى على الله