وبعض العلماء يقول: إن ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ بمعنى أخبروني، والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾.
التحقيق: إن شاء الله، أن هذه الآية الكريمة جارية على أسلوب عربي معروف، وهو إطلاق المثل، على الذات نفسها، كقولهم: مثلك، لا يفعل هذا، يعنون لا ينبغي لك أنت أن تفعله.
وعلى هذا فالمعنى، وشهد شاهد من بني إسرائيل على أن هذا القرآن، وحي منزل حقا من عند الله، لا أنه شهد على شيء آخر مماثل له؛ ولذا قال تعالى: ﴿فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾.
ومما يوضح هذا، تكرر إطلاق المثل في القرآن مرادا به الذات كقوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ﴾ [الأنعام: ١٢٢].
فقوله: ﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ﴾، أي كمن هو نفسه في الظلمات، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البقرة: ١٣٧]، أي فإن آمنوا بما آمنتم به لا بشيء آخر مماثل له على التحقيق.
ويستأنس له بالقراءة المروية عن ابن عباس وابن مسعود: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾ الآية.
القول بأن لفظة ﴿مَا﴾ في الآية مصدرية، وأن المراد تشبيه الإيمان بالإيمان، أي فإن آمنوا بإيمان مثل إيمانكم فقد اهتدوا لا يخفى بعده.
والشاهد في الآية هو عبد الله بن سلام رضي الله عنه كما قال الجمهور، وعليه فهذه الآية مدنية في سورة مكية.
وقيل: إن الشاهد موسى بن عمران عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقيل غير ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾.