ومعلوم أن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أسلم وحسن إسلامه، وهو من خيار المسلمين وأفاضل الصحابة، رضي الله عنهم.
وغاية ما في هذه الآية الكريمة هو إطلاق الذي وإرادة الذين، وهو كثير في القرآن وفي كلام العرب، لأن لفظ الذي مفرد ومعناها عام لكل ما تشمله صلتها، وقد تقرر في علم الأصول أن الموصولات كالذي والتي وفروعهما من صيغ العموم، كما أشار له في مراقي السعود بقوله:
صيغة كل أو الجميع... وقد تلا الذي التي الفروع
فمن إطلاق الذي وإرادة الذين في القرآن، هذه الآية الكريمة من سورة الأحقاف، وقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً﴾ [البقرة: ١٧]، أي كمثل الذين استوقدوا بدليل قوله: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ﴾ [البقرة: ١٧]، بصيغة الجمع في الضمائر الثلاثة التي هي ﴿بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ﴾ [البقرة: ١٧]، والواو في ﴿لا يُبْصِرُونَ﴾ وقوله تعالى في البقرة أيضا: ﴿كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ﴾ أي كالذين ينفقون بدليل قوله: ﴿لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ [البقرة: ٢٦٤].
وقوله في الزمر: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر: ٣٣]، وقوله في التوبة: ﴿وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا﴾ [التوبة: ٦٩]، أي كالذين خاضوا بناء على أنها موصولة لا مصدرية، ونظير ذلك من كلام العرب قول أشهب بن رميلة:
فإن الذي حانت بفلج دماؤهم... هم القوم كل القوم يا أم خالد
وقول عديل بن الفرخ العجلي:
وبت أساقي القوم إخوتي الذي... غوايتهم غيي ورشدهم رشدي
وقول الراجز:
يا رب عبس لا تبارك في أحد... في قائم منهم ولا في من قعد
إلا الذي قاموا بإطراف المسد
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿أُفٍّ لَكُمَا﴾ كلمة تضجر، وقائل ذلك عاق


الصفحة التالية
Icon