فالإثخان هو الإكثار من قتل العدو حتى يضعف ويثقل عن النهوض.
وقوله: ﴿فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾، أي فأسروهم، والوثاق بالفتح والكسر اسم لما يؤسر به الأسير من قد ونحوه.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من الأمر بقتل الكفار حتى يثخنهم المسلمون، ثم بعد ذلك يأسرونهم جاء موضحا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الأنفال: ٦٧]، وقد أمر تعالى بقتلهم في آيات أخر كقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقوله: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ [الأنفال: ١٢]، وقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]، وقوله: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾ [الأنفال: ٥٧]، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ أي فإما تمنون عليهم منا، أو تفادونهم فداء.
ومعلوم أن المصدر إذا سيق لتفصيل وجب حذف عامله، كما قال في الخلاصة:
وما لتفصيل كإما منا... عامله يحذف حيث عنا
ومنه قول الشاعر:
لأجهدن فإما درء واقعة... تخشى وإما بلوغ السؤل والأمل
وقال بعض العلماء: هذه الآية منسوخة بالآيات التي ذكرنا قبلها وممن يروى عنه هذا القول، ابن عباس والسدي وقتادة والضحاك وابن جريج.
وذكر ابن جرير عن أبي بكر رضي الله عنه ما يؤيده.
ونسخ هذه الآية هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله فإنه لا يجوز عنده المن ولا الفداء، لأن الآية المنسوخة عنده بل يخير عنده الإمام بين القتل والاسترقاق.
ومعلوم أن آيات السيف النازلة في براءة نزلت بعد سورة القتال هذه.
وأكثر أهل العلم يقولون: إن الآية ليست منسوخة، وإن جميع الآيات المذكورة