فقد قال الصاوي أحمد المذكور في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً﴾ [الكهف: ٢٣]، بعد أن ذكر الأقوال في انفصال الاستثناء عن المستثنى منه بزمان، ما نصه: وعامة المذاهب الأربعة على خلاف ذلك كله فإن شرط حل الأيمان بالمشيئة أن تتصل، وأن يقصد بها حل اليمين، ولا يضر الفصل بتنفس أو سعال أو عطاس، ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، فالخارج عن المذاهب الأربعة، ضال مضل وربما أداة ذلك للكفر، لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر، اهـ منه بلفظه.
فانظر يا أخي رحمك الله، ما أشنع هذا الكلام وما أبطله، وما أجرأ قائله على الله، وكتابه وعلى النبي ﷺ وأصحابه، سبحانكهذا بهتان عظيم.
أما قوله بأنه لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة، ولو كانت أقوالهم مخالفة للكتاب والسنة، وأقوال الصحابة فهو قول باطل بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم وإجماع الأئمة الأربعة أنفسهم، كما سنرى إيضاحه إن شاء الله بما لا مزيد عليه في المسائل الآتية بعد هذه المسألة. فالذي ينصره هو الضال المضل.
وأما قوله: إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة، من أصول الكفر، فهذا أيضا من أشنع
ـــــــ
(١) كلام الصاوي هذا لا يوافقه عليه مسلم قط والعياذ بالله تعالى. وأما تقليد ماسوى المذاهب الأربعة من المذاهب المعتبرة، كمذهب سفين وابن أبي ليلى والأوزاعي وداود والحسن وغيرهم بما هو ثابت عنهم من جهة النقل فلا ضرر في ذلك، وعلى هذا جمهور العلماء. أما موافقة أقوالهم لأقوال الصحابة والقرءان والحديث الصحيح فهذا الأصل الذي عليه لأمة. فالآية والحديث وأقوال الصحابة كل ذلك من الأدلة والشواهد المعتبرة على كلام وقياس واجتهاد العلماء. فالعجب من كلام الصاوي هذا...!
مراد العلماء عند قولهم:
(٢) لأخذ بظواهر الكتاب والسنة من المتشابه - المؤدي إلى تشبيه الله بخلقة فمن لم يتعلم الإيمان والتوحيد والتنزيه وأخذ بشئ من ظواهر الكتاب والسنة المفضي إلى التشبيه فقد هلك. فلا بد من تعليم الناس المبتدئين الاعتقاد الصحيح الذي كان عليه سلف الأمة الذين غلب عليهم امرار تلك الظواهر من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف. فقد روى ابن ماجه والبيهقي عن جندب بن عبد الله أنه قال: كنا مع النبي صل الله علية وسلم ونحن فتيان حذاورة. فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرءان. لم تعلمنا القرءان. فازددنا به إيمانا.


الصفحة التالية
Icon