تعالى ظاهره المتبادر منه تشبيهه بصفة الخلق؟
والجواب الذي لا جواب غيره: لا.
فبأي وجه يتصور عاقل أن لفظا أنزله الله في كتابه، مثلا دالا على صفة من صفات الله أثنى بها تعالى على نفسه، يكون ظاهره المتبادر منه، مشابهته لصفة الخلق؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
فالخالق والمخلوق متخالفان كل التخالف وصفاتهما متخالفة كل التخالف.
فبأي وجه يعقل دخول صفة المخلوق في اللفظ الدال على صفة الخالق؟ أو دخول صفة الخالق في اللفظ الدال على صفة المخلوق مع كمال المنافاة بين الخالق والمخلوق؟
فكل لفظ دل على صفة الخالق ظاهره المتبادر منه أن يكون لائقا بالخالق منزها عن مشابهة صفات المخلوق.
وكذلك اللفظ الدال على صفة المخلوق لا يعقل أن تدخل فيه صفة الخالق.
فالظاهر المتبادر من لفظ اليد بالنسبة للمخلوق، هو كونها جارحة هي عظم ولحم ودم، وهذا هو الذي يتبادر إلى الذهن في نحو قوله تعالى: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨].
والظاهر المتبادر من اليد بالنسبة للخالق في نحو قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [صّ: ٧٥]، أنها صفه كمال وجلال، لائقة بالله جل وعلا ثابتة له على الوجه اللائق بكماله وجلاله.
وقد بين جل وعلا عظم هذه الصفة وما هي عليه من الكمال والجلال، وبين أنها من صفات التأثير كالقدرة، قال تعالى في تعظيم شأنها: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: ٦٧].
ـــــــ
(١) حاصل أن حمل البعض ظاهر المتشابه من القرءان في الصفات على ظاهره المتبادر منه. وإلاّ ماسبب منشأ تلك الفرق التي تكملت بالصفات ووقعت بالتشبيه. والله سبحانه. يقول :﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾.... الآية ففي هذه الآية مايشعر امكانية حصول هذا.


الصفحة التالية
Icon