محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، والساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
وأن الله استوى على عرشه كما قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] وأن له وجها كما قال: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧]، وأن له يدين بلا كيف كما قال: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [صّ: ٧٥] وكما قال: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]، وأن له عينان بلا كيف كما قال: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [القمر: ١٤]، اهـ. محل الغرض منه بلفظه.
وبه تعلم أن من يفتري على الأشعري أنه من المؤولين المدعين أن ظاهر آيات الصفات وأحاديثها لا يليق الله كاذب عليه كذبا شنيعا.
وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري في كتاب الإبانة أيضا في إثبات الاستواء لله تعالى ما نصه:
إن قال قائل ما تقولون في الاستواء؟
قيل له نقول: إن الله عز وجل مستو على عرشه كما قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، وقد قال الله عز وجل: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠] وقد قال: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨]، قال عز وجل: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ [السجدة: ٥]، وقال حكاية عن فرعون: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً﴾ [غافر: ٣٦-٣٧].
فكذب فرعون نبي الله موسى عليه السلام في قوله: "إن الله عز وجل فوق السماوات". وقال عز وجل: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ﴾ [الملك: ١٦].
فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السماوات: قال ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦]، لأنه مستو على العرش الذي فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء، فالعرش أعلى السماوات. هذا لفظ أبي الحسن الأشعري رحمه الله في كتاب الإبانة المذكور.
وقد أطال رحمه الله في الكلام بذكر الأدلة القرآنية، في إثبات صفة الاستواء، وصفة العلو لله جل وعلا. ومن جملة كلامه المشار إليه ما نصه:


الصفحة التالية
Icon