الأصل الثالث: أن أعرف الناس بمعاني كلام الله وأحراهم بالوقوف على أسراره هم أصحاب رسول الله ﷺ الذين لازموه وحضروا التنزيل وعرفوا التأويل.
والأصل الرابع: أن الصحابة رضي الله عنهم في طول عصرهم إلى آخر أعمارهم ما دعوا الخلق إلى التأويل، ولو كان التأويل من الدين أو علم الدين لأقبلوا عليه ليلا ونهارا ودعوا إليه أولادهم وأهلهم.
ثم قال الغزالي: وبهذه الأصول الأربعة المسلمة عند كل مسلم نعلم بالقطع أن الحق ما قالوه والصواب ما رأوه اهـ باختصار.
ولا شك أن الاستدلال الغزالي هذا لأن مذهب السلف هو الحق استدلال لا شك في صحته، ووضوح وجه الدليل فيه، وأن التأويل لو كان سائغا أو لازما لبين النبي ﷺ ذلك، ولقال به أصحابه وتابعوهم كما لا يخفي.
وذكر غير واحد عن الغزالي: أنه رجع في آخر حياته إلى تلاوة كتاب الله وحفظ الأحاديث الصحيحة والاعتراف بأن الحق هو ما في كتاب الله وسنة رسوله.
وذكر بعضهم أنه مات وعلى صدره صحيح البخاري رحمه الله.
واعلم أيضا أن الفخر الرازي الذي كان في زمانه أعظم أئمة التأويل رجع عن ذلك المذهب إلى مذهب السلف معترفا بأن طريق الحق هي اتباع القرآن في صفات الله.
وقد قال في ذلك في كتابه: أقسام اللذات.
لقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فلم أجدها تروي غليلا، ولا تشفي عليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾، وفي النفي: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ [مريم: ٦٥]، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي، اهـ.
وقد بين هذا المعنى في أبياته المشهورة التي يقول فيها:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقال