يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: ٥١]، ﴿ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفآئزون﴾.
وقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١].
وقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أوليَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ﴾ [التوبة: ٧١].
ولا شك عند أحد من أهل العلم أن طاعة الله ورسوله المذكورة في هذه الآيات ونحوها من نصوص الوحي، محصورة في العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فمنصوص القرآن والسنة كلها دالة على لزوم تدبر الوحي، وتفهمه وتعلمه والعمل به، فتخصيص تلك النصوص كلها، بدعوى أن تدبر الوحي وتفهمه والعمل به: لا يصح شيء منه إلا لخصوص المجتهدين، الجامعين لشروط الاجتهاد المعروفة عند متأخري الأصوليين، يحتاج إلى دليل يجب الرجوع إليه، ولا دليل على ذلك البتة.
بل أدلة الكتاب والسنة، دالة على وجوب تدبر الوحي، وتفهمه وتعلمه والعمل بكل ما علم منه، علما صحيحا قليلا كان أو كثيرا.
وهذه المسألة الثانية يتداخل بعض الكلام فيها، مع بعض الكلام، في المسألة الأولى. فهما شبه المسألة الواحدة.
المسألة الثالثة في التقليد في بيان معناه لغة واصطلاحا وأقسامه وبيان ما يصح منها وما لا يصح:
اعلم أن التقليد في اللغة: هو جعل القلادة في العنق.
وتقليد الولاة هو جعل الولايات قلائد في أعناقهم، ومنه قول لقيط الأيادي:

وقلدوا أمركم لله دركم رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
وأما التقليد في اصطلاح الفقهاء: فهو الأخذ بمذهب الغير من غير معرفة دليله.
والمراد بالمذاهب هو ما يصح فيه الاجتهاد خاصة.


الصفحة التالية
Icon