لعمر، لا يقلدون ابن مسعود، ولا عمر ولا غيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يأخذون بقول الله ولا رسوله وإنما يفضلون على ذلك كله تقليد أحد الأئمة أصحاب المذاهب رحمهم الله.
وأما استدلالهم على التقليد بأن عبد الله كان يدع قوله لقول عمر.
وأبو موسى كان يدع قوله لقول علي.
وزيد يدع قوله لقول أبي بن كعب فهو ظاهر السقوط أيضا؛ لأنه من المعلوم أن الصحابة المذكورين رضي الله عنهم لا يدعون سنة رسول الله ﷺ لقول أحد، وهذا لا شك فيه.
وكان ابن عمر يدع قول عمر، إذا ظهرت له السنة.
وكان ابن عباس يقول: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر.
وأما استدلالهم على التقليد بأن معاذا رضي الله عنه صلى مسبوقا فصلى ما أدرك مع الإمام أولا، ثم قضى ما فاته بعد سلام الإمام، وكانوا قبل ذلك يصلون ما فاتهم أولا ثم يدخلون مع الإمام في الباقي.
وأن النبي ﷺ قال في ذلك: "إن معاذا قد سن لكم سنة، فكذلك فافعلوا" فهو ظاهر السقوط أيضا، لأن ذلك لم يكن سنة إلا بأمر رسول الله ﷺ كما لا يخفي.
فلا حجة قطعا في قول أحد كائنا من كان، ورسول الله ﷺ موجود.
وإنما العبرة بقوله ﷺ وفعله وتقريره، وهذا معلوم بالضرورة من الدين.
وأما استدلالهم على التقليد بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩].
قائلين إن المراد بأولي الأمر العلماء، وأن طاعتهم المامور بها في الآية هي تقليدهم، فهو ظاهر السقوط أيضا؛ لأنه لا يجوز طاعة أولي الأمر إجماعا فيما خالف كتابا أو سنة، ولا طاعة لهم إلا في المعروف كما جاءت به الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon