نذكر من حججهم، قد أوضحنا رده وإبطاله فيما ذكرنا.
تنبيهات مهمة تتعلق بهذه الآية الكريمة.
التنبيه الأول:
اعلم أن المقلدين، اغتروا بقضيتين ظنوهما صادقتين، وهما بعيدتان من الصدق، وظن صدقهما يدخل أوليا في عموم قوله تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ [يونس: ٣٦]، وقوله ﷺ :"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث".
أما الأولى منهما فهي ظنهم، أن الإمام الذي قلدوه لا بد أن يكون قد اطلع على جميع معاني كتاب الله، ولم يفته منها شيء.
ولذلك فإن كل آية وكل حديث قد خالفا قوله فلا شك عندهم أن ذلك الإمام اطلع على تلك الآية وعلم معناها، وعلى ذلك الحديث وعلم معناه، وأنه ما ترك العمل بهما إلا لأنه اطلع على ما هو أقوى منهما وأرجح.
ولذلك يجب تقديم ذلك الأرجح الذي تخيلوه شيء من الوحي الموجود بين أيديهم، وهذا الظن كذب باطل بلا شك.
والأئمة كلهم معترفون بأنهم ما أحاطوا بجميع نصوص الوحي، كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله.
ومن أصرح ذلك أن الإمام مالكا رحمه الله، إمام دار الهجرة المجمع على علمه وفضله وجلالته، لما أراد أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس على العمل بما جمعه في موطئه لم يقبل ذلك من أبي جعفر ورده عليه.
وأخبره أن أصحاب رسول الله ﷺ تفرقوا في أقطار الدنيا، كلهم عنده علم ليس عند الآخر.
ولم يجمع الحديث جمعا تاما بحيث أمكن جمع جميع السنة إلا بعد الأئمة الأربعة؛ لأن أصحاب رسول الله ﷺ الذين تفرقوا في أقطار الدنيا روي عنهم كثير من


الصفحة التالية
Icon