حتى أخبره المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة أن النبي ﷺ أعطاها السدس فرجع إلى قولهما.
ولم يعلم عمر رضي الله عنه بأن النبي ﷺ قضى في دية الجنين بغرة عبد أو وليدة حتى أخبره المذكوران قبل.
ولم يعلم عمر رضي الله عنه بأن المرأة ترث من دية زوجها. حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن النبي ﷺ كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها.
ولم يعلم أيضا بآخذ الجزية من المجوسي حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف بأن النبي ﷺ أخذ الجزية من مجوس هجر.
ولم يعلم بحكم الاستئذان ثلاثا حتى أخبره أبو موسى الأشعري وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه.
ولم يعلم عثمان رضي الله عنه بوجوب السكنى للمتوفي عنها حتى أخبرته قريعة بنت مالك أن النبي ﷺ ألزمها بالسكنى في المحل الذي مات عنها زوجها فيه حتى تنقضي عدتها.
وأمثال هذا أكثر من أن تحصر، فهؤلاء الخلفاء الراشدون وهم هم، خفي عليهم كثير من قضايا رسول الله ﷺ وأحاديثه مع ملازمتهم له، وشدة حرصهم على الأخذ منه، فتعلموه ممن هو دونهم في الفضل والعلم.
فما ظنك بغيرهم من الأئمة الذين نشأوا وتعلموا بعد تفرق الصحابة في أقطار الدنيا؟
وروي عنه الأحاديث عدول من الأقطار التي ذهبوا إليها؟
والحاصل أن ظن إحاطة الإمام بجميع نصوص الشرع ومعانيها ظن لا يغني من الحق شيئا، وليس بصحيح قطعا؛ لأنه لا شك أنه يفوته بعض الأحاديث فلم يطلع عليها ويرويه بعض العدول عن الصحابة فيثبت عند غيره.
وهو معذور في ترك العمل به، بعدم اطلاعه عليه مع أنه بذل المجهود في البحث، ولذا كان له أجر الاجتهاد والعذر في الخطأ.


الصفحة التالية
Icon