أحكام الاختيار، فكل مسلم ألجأته الضرورة إلى شيء إلجاء صحيحا حقيقيا، فهو في سعة من أمره فيه.
وقد استثنى الله جل وعلا، حالة الاضطرار في خمس آيات من كتابه، ذكر فيها المحرمات الأربع التي هي من أغلظ المحرمات، تحريما وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، فإن الله تعالى كلما ذكر تحريمها استثنى منها حالة الضرورة، فأخرجها من حكم التحريم.
قال تعالى في سورة الأنعام: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥].
وقال في الأنعام أيضا: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩].
وقال تعالى في النحل: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١١٥].
وقال تعالى في البقرة: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣].
وقال تعالى في المائدة: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ إلى قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٣].
وبهذا تعلم أن المضطر للتقليد الأعمى اضطرارا حقيقيا، بحيث يكون لا قدرة له البتة، على غيره مع عدم التفريط لكونه لا قدرة له أصلا على الفهم، أو له قدرة على الفهم وقد عاقته عوائق قاهرة عن التعلم.
أو هو في أثناء التعلم ولكنه يتعلم تدريجا؛ لأنه لا يقدر على تعلم كل ما يحتاجه في وقت واحد.


الصفحة التالية
Icon