تعالى: ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧] ولكن هذا معارض للنص الصريح في معنى: "فاقدروا له ثلاثين" وقوله: "فأكملوا العدة ثلاثين" أي سواء في شعبان أو في تمام رمضان عند الفطر، ولم يقل بصومه من الأئمة إلا أحمد رحمه الله.
ومما هو عند الشافعي قوله بنقض الوضوء من مجرد لمس المرأة الأجنبية بدون حائل مع ما جاء عنه ﷺ في أحاديث عائشة رضي الله عنها: كنت أنام معترضة في القبلة ورسول الله ﷺ قائم يصلي فإذا سجد غمزني رجلي فأقبضها فإذا قام مددتها.
وقد أجابوا عن ذلك باحتمال سترها بحائل فجاء قولها: افتقدت رسول الله ذات ليلة فقمت أطلبه والحجرات ليس فيه آنذاك السرج حتى وقعت كفي على بطن قدمه وهو ساجد يقول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" فقلت: والله إنك لفي واد وأنا في واد.
فلما قام للركعة الثانية طنته ذهب عند بعض نسائه فاغتسل ثم جاء يصلي عندها فقامت وأدخلت يدها في شعر رأسه تتحسس هل اغتسل أم لا.. إلخ.
ولهم أجوبة على كل ذلك ولكنها لا تنهض مع هذه النصوص الصريحة.
وشبهة الشافعي في ذلك في معنى: ﴿لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ من قوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦]، ولم يقل بنقض الوضوء به من الأئمة إلا الشافعي رحمه الله.
ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أنه لا يتأتى من أحد أئمة المسلمين أن يخالف نصا صريحا من كتاب أو سنة، بدون أن تكون لديه شبهة معارضة بنص آخر، أو عدم بلوغ النص إليه، أو عدم صحته عنده أو غير ذلك مما هو معروف في هذا المقام.
وإنما أوردنا هذين المثالين تتمة للبحث ولمجرد المثال.
التنبيه التاسع:
اعلم أن كل من يرى أنه لا بد له من تقليد الإمام في كل شيء بدعوى أنه لا يقدر على الاستدلال بكتاب ولا سنة، ولا قول أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أحد غير ذلك الإمام.


الصفحة التالية
Icon