وإن قدرت متعدية كان ذلك تأسيسا، لأن قوله: ﴿كَفَرُوا﴾ يدل على كفرهم في أنفسهم.
وقوله: و ﴿صَدُّوا﴾ على أنه متعد يدل على أنهم حملوا غيرهم على الكفر وصدوه عن الحق، وهذا أرجح مما قبله.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَشَاقُّوا الرَّسُولَ﴾ أي خالفوا محمدا ﷺ مخالفة شديدة.
وقد دلت هذه الآية الكريمة على أمرين:
أحدهما: أن الذين كفروا وصدوا غيرهم عن الحق وخالفوه ﷺ لن يضروا الله بكفرهم شيئا، لأنه غني لذاته الغنى المطلق.
والثاني: أنهم إنما يضرون بذلك أنفسهم، لأن ذلك الكفر سبب لإحباط أعمالهم، كما قال تعالى: ﴿وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾.
وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة جاءا موضحين في آيات من كتاب الله.
فمن الآيات الدالة على الأول الذي هو غنى الله عن خلقه، وعدم تضرره بمعصيتهم، قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٧].
وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾ [الزمر: ٧].
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٨].
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [يونس: ٦٨].
وقوله تعالى: ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [التغابن: ٦].
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر: ١٥] إلى غير ذلك من الآيات.
ومن الآيات الدالة على الثاني، وهو إحباط أعمالهم بالكفر أي: إبطالها به قوله


الصفحة التالية
Icon