يقولوا يا نبي الله أو يا رسول الله ونحو ذلك.
وقوله: ﴿أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ﴾ أي لا تفعلوا ذلك لئلا تحبط أعمالكم، أو ينهاكم عن ذلك كراهة أن تحبط أعمالكم ﴿وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ أي لا تعلمون بذلك.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من لزوم توقير النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه واحترامه جاء مبينا في مواضع أخر كقوله تعالى: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: ٩]، على القول بأن الضمير في ﴿تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ للنبي صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً﴾ [النور: ٦٣]، كما تقدم وقوله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ﴾ [الأعراف: ١٥٧]، وقوله هنا: ﴿وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ﴾ أي لا تنادوه باسمه: كيا محمد.
وقد دلت آيات من كتاب الله على أن الله تعالى لا يخاطبه في كتابه باسمه، وإنما يخاطبة بما يدل على التعظيم والتوقير، كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ [الأنفال: ٦٤]، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ [المائدة: ٤١]، ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١]، ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ [المدثر: ١] مع أنه ينادي غيره من الأنبياء بأسمائهم كقوله: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ﴾ [البقرة: ٣٥]، وقوله: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إبراهيم﴾ [الصافات: ١٠٤] وقوله: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ [هود: ٤٦]، قيل: ﴿يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا﴾ [هود: ٤٨]، وقوله: ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤] وقوله: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾ [آل عمران: ٥٥] وقوله: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً﴾ [صّ: ٢٦].
أما النبي ﷺ فلم يذكر اسمه في القرآن في خطاب، وإنما يذكر في غير ذلك كقوله: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران: ١٤٤]. وقوله: ﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾ [محمد: ٢]، وقوله: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [الفتح: ٢٩].
وقد بين تعالى أن توقيره واحترامه ﷺ بغض الصوت عنده لا يكون إلا من الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، أي أخلصها لها وأن لهم بذلك عند الله المغفرة والأجر العظيم، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الحجرات: ٣].


الصفحة التالية
Icon