راحلته: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: ٦٥-٦٦].
المسألة الثانية:
وهي من أهم المسائل، اعلم أنه يجب على كل إنسان أن يميز بين حقوق الله تعالى التي هي من خصائص ربوبيته، التي لا يجوز صرفها لغيره، وبين حقوق خلقه كحق النبي صلى الله عليه وسلم، ليضع كل شيء في موضعه، على ضوء ما جاء به النبي ﷺ في هذا القرآن العظيم والسنة الصحيحة.
وإذا عرفت ذلك فاعلم: أن من الحقوق الخاصة بالله التي هي من خصائص ربوبيته التجاء عبده إليه إذا دهمته الكروب التي لا يقدر على كشفها إلا الله.
فالتجاء المضطر الذي أحاطت به الكروب ودهمته الدواهي لا يجوز إلا لله وحده، لأنه من خصائص الربوبية فصرف ذلك الحق لله وإخلاصه له هو عين طاعة الله ومرضاته وطاعة رسوله ﷺ ومرضاته وهو عين التوقير والتعظيم للنبي ﷺ لأن أعظم أنواع توقيره وتعظيمه هو اتباعه والاقتداء به في إخلاص التوحيد والعبادة له وحده جل وعلا.
وقد بين جل وعلا في آيات كثيرة من كتابه، أن التجاء المضطر من عباده إليه وحده، في أوقات الشدة والكرب من خصائص ربوبيته تعالى.
من أصرح ذلك الآيات التي في سورة النمل أعني قوله تعالى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ إلى قوله: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: ١١١].
فإنه جل وعلا قال في هذه الآيات الكريمات العظيمات: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل: ٥٩].
ثم بين خصائص ربوبيته الدالة على أنه المعبود وحده فقال: ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ [النمل: ٦٠].
فهذه المذكورات التي هي خلق السماوات والأرض، وإنزال الماء من السماء وإنبات الحدائق ذات البهجة، التي لا يقدر على إنبات شجرها إلا الله، من خصائص ربوبية الله،