قوله تعالى: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه مد الأرض وألقى فيها الجبال الرواسي وأنبت فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب، وهذا الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ إلى قوله: ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرعد: ٣]، وكقوله: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ، هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [لقمان: ١٠-١١] والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ أي من كل صنف حسن من أصناف النبات، وقوله: ﴿تَبْصِرَة﴾ أي قدرنا الأرض وألقينا فيها الرواسي وأنبتنا فيها أصناف النبات الحسنة لأجل أن نبصر عبادنا كمال قدرتنا على البعث وعلى كل شيء وعلى استحقاقنا للعبادة دون غيرنا.
قوله تعالى: ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾.
قوله: ﴿كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾، معناه أن الله تبارك وتعالى: يبين أن إحياء الأرض بعد موتها بإنبات النبات فيها بعد انعدامه واضمحلاله، دليل على بعث الناس بعد الموت بعد كونهم ترابا وعظاما. فقوله: ﴿كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ يعني أن خروج الناس أحياء من قبورهم بعد الموت كخروج النبات من الأرض بعد عدمه، بجامع استواء الجميع في أنه جاء بعد عدم، وهذا أحد براهين البعث التي يكثر الاستدلال عليه بها في القرآن، وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في صدر سورة البقرة وأول النحل وأول الجاثية، وغير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾.
هذه الآية الكريمة تدل على أن من كذب الرسل يحق عليه العذاب، أي يتحتم ويثبت في حقه ثبوتا لا يصح معه تخلفه عنه، وهو دليل واضح على أن ما قاله بعض أهل