يكتبون أعماله، جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله. كقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: ١١-١٢]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: ٨٠]، وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٨-٢٩].
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾ [مريم: ٧٩].
وفي سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ﴾ [الزخرف: ١٩]، وقد ذكر جماعة من أهل العلم أن القعيد الذي هو عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات، وأن صاحب الحسنات أمين على صاحب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: أمهله ولا تكتبها عليه لعله يتوب أو يستغفر؟ وبعضهم يقول: يمهله سبع ساعات. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه:
اعلم أن العلماء اختلفوا في عمل العبد الجائز الذي لا ثواب ولا عقاب عليه، هل تكتبه الحفظة عليه أولا؟ فقال بعضهم: يكتب عليه كل شيء حتى الأنين في المرض، وهذا هو ظاهر قوله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾، لأن قوله: ﴿مِنْ قَوْلٍ﴾ قول نكرة في سياق النفي زيدت قبلها لفظة ﴿مِنْ﴾، فهي نص صريح في العموم.
وقال بعض العلماء: لا يكتب من الأعمال إلا ما فيه ثواب أو عقاب، وكلهم مجمعون على أنه لا جزاء إلا فيما فيه ثواب أو عقاب فالذين يقولون: لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب، والذين يقولون يكتب الجميع متفقون على إسقاط ما لا ثواب فيه ولا عقاب، إلا أن بعضهم يقولون لا يكتب أصلا، وبعضهم يقولون: يكتب أولا ثم يمحى، وزعم بعضهم أن محو ذلك، وإثبات ما فيه ثواب أو عقاب هو معنى قوله تعالى: {يَمْحُو


الصفحة التالية
Icon