عليهم كل ما يعملونه من الكفر والمعاصي، وفي أوله اتخاذهم الأولياء، يعبدونهم من دون الله.
وفي الآية تهديد عظيم لكل مشرك.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾، أي لست يا محمد، بموكل عليهم تهدي من شئت هدايته منهم، بل إنما أنت نذير فحسب، وقد بلغت ونصحت.
والوكيل عليهم هو الذي يهدي من يشاء منهم ويضل من يشاء كما قال تعالى: ﴿إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ [هود: ١٢]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ الناسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَما كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ [يونس: ٩٩-١٠٠]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّما فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٥]، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وبما ذكرنا تعلم أن التحقيق في قوله تعالى: ﴿وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾، وما جرى مجراه من الآيات ليس منسوخا بآية السيف والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآنا عَرَبِيّاً﴾.
وقد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى: ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٤-١٩٥]، وفي الزمر في الكلام على قوله تعالى: ﴿قُرْآنا عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ وفي غير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَها﴾.
خص الله تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة إنذاره، ﷺ بأم القرى ومن حولها، والمراد بأم القرى مكة حرسها الله.
ولكنه أوضح في آيات أخر أن إنذاره عام لجميع الثقلين كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّها الناسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ [الأعراف: ١٥٨]، وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ


الصفحة التالية
Icon