صخرة لا يقدر على الحفر فيها، وأصله من الكدية وهي الحجارة تعترض حافر البئر ونحوه فتمنعه الحفر، وهذا الذي أعطى قليلا وأكدى، اختلف فيه العلماء، فقيل هو الوليد بن المغيرة قارب أن يؤمن بالنبي ﷺ فعيره بعض المشركين، فقال: أتركت دين الأشياخ وضللتهم؟ قال: إني خشيت عذاب الله، فضمن له الذي عاتبه إن هو أعطاه كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه ثمامة. فأنزل الله عز وجل الآية.
وعلى هذا فقوله: ﴿تَوَلَّى﴾ أي الوليد عن الإسلام بعد أن قارب، ﴿وَأَعْطَى قَلِيلاً﴾ من المال للذي ضمن له أن يتحمل عنه ذنوبه. ﴿وَأَكْدَى﴾ : أي بخل عليه بالباقي، وقيل ﴿أَعْطَى قَلِيلاً﴾ من الكلام الطيب كمدحه للقرآن، واعترافه بصدق النبي صلى الله عليه وسلم، ﴿وَأَكْدَى﴾ أي انقطع عن ذلك ورجع عنه. وقيل: هو العاص بن وائل السهمي، كان ربما وافق النبي ﷺ في بعض الأمور، وذلك هو معنى إعطائه القليل ثم انقطع عن ذلك، وهو معنى إكدائه، وهذا قول السدي ولم ينسجم مع قوله بعده: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ﴾.
وعن محمد بن كعب القرظي أنه أبو جهل، قال: والله ما يأمرنا محمد ﷺ إلا بمكارم الأخلاق، وذلك معنى إعطائه قليلا، وقطعه لذلك معروف.
واقتصر الزمخشري على أنه عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: روي أن عثمان بن عفان كان يعطي ماله في الخير فقال له عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وهو أخوه من الرضاعة: يوشك ألا يبقى لك شيء. فقال عثمان: إن لي ذنوبا وخطايا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى، وأرجو عفوه، فقال عبد الله: أعطني ناقتك برحلها، وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه، وأمسك عن العطاء فنزلت الآية.
ومعنى: ﴿تَوَلَّى﴾ ترك المركز يوم أحد، فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل. انتهى منه.
ولا يخفي سقوط هذا القول وبطلانه، وأنه غير لائق بمنصب أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وقد تضمنت هذه الآيات الكريمة سبعة أمور:


الصفحة التالية
Icon