﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [الحج: ٦-٧]، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً﴾ [الفرقان: ١١].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿يُمَارُونَ﴾، مضارع مارى، يماري، مراء ومماراة، إذا خاصم وجادل.
ومنه قوله تعالى: ﴿فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً﴾ [الكهف: ٢٢].
وقوله: ﴿لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ أي بعيد عن الحق والصواب.
وقد قدمنا معاني الضلال في القرآن واللغة العربية، مع الشواهد في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى: ﴿قَالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنا مِنَ الضالِّينَ﴾ [الشعراء: ٢٠]، وفي مواضع أخر من هذا الكتاب المبارك.
قوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.
قد بينا في سورة هود في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً﴾ [هود: ٢٩]، أن جميع الرسل عليهم الصلوات والسلام، لا يأخذون أجرا على التبليغ، وذكرنا الآيات الدالة على ذلك.
وقد ذكرنا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، وجه الجمع بين تلك الآيات، وآية شورى هذه فقلنا فيه:
اعلم أولا أن في قوله تعالى: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ أربعة أقوال:
الأول: ورواه الشعبي وغيره عن ابن عباس وبه قال مجاهد وقتادة وعكرمة وأبو مالك والسدي والضحاك وابن زيد وغيرهم كما نقله عنهم ابن جرير وغيره، أن معنى الآية: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ أي إلا أن تودوني في قرابتي التي بيني وبينكم، فتكفوا عني أذاكم وتمنعوني من أذى الناس، كما تمنعون كل من بينكم وبينه مثل قرابتي منكم، وكان ﷺ له في كل بطن من قريش رحم، فهذا الذي سألهم ليس


الصفحة التالية
Icon