﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [النحل: ١٥].
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾.
ما تضمنته هذه الآية الكريمة من دلالة إحياء الأرض بعد موتها على خروج الناس من قبورهم أحياء بعد الموت، في قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ جاء موضحا في آيات كثيرة قد قدمناها في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢]، مع بقية براهين البعث في القرآن، وأوضحنا ذلك أيضا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ [النحل: ١٠]، وفي غير ذلك من المواضع، وأحلنا على ذلك مرارا كثيرة في هذا الكتاب المبارك.
وقد قدمنا في سورة الفرقان معنى الإنشاء والنشور وما في ذلك من اللغات مع الشواهد العربية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿بِقَدَرٍ﴾، قال بعض العلماء: أي بقدر سابق وقضاء.
وقال بعض العلماء: أي بمقدار يكون به إصلاح البشر فلم يكثر الماء جدا فيكون طوفانا فيهلكهم، ولم يجعله قليلا دون قدر الكفاية، بل نزله بقدر الكفاية من غير مضرة، كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [المؤمنون: ١٨].
وقال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: ٢٢].
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا﴾.
الأزواج الأصناف، والزوج تطلقه العرب على الصنف.
وقد بين تعالى أن الأزواج المذكورة هنا تشمل أصناف النبات وبني آدم وما لا يعلمه إلا الله.
قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ﴾ [يس: ٣٦].


الصفحة التالية
Icon