قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وابن عامر: " عِنْدَ الرَّحْمَنِ" بسكون النون وفتح الدال ظرف؛ كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
وقرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ﴿الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ بكسر العين وباء موحدة بعدها ألف وضم الدال جمع عبد كقوله: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾ الآية.
وقوله ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾. قرأه عامة السبعة غير نافع ﴿أَشَهِدُوا﴾ بهمزة واحدة مع فتح الشين، وقرأه نافع: "أَأُشْهِدُوا" بهمزتين الأولى مفتوحة محققة، والثانية مضمومة مسهلة بين بين وقالوا يجعل بين الهمزتين ألف الإدخال على إحدى الروايتين.
وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أربع مسائل:
الأولى: أن الكفار افتروا على الملائكة أنهم إناث زاعمين أنهم بنات الله.
الثانية: أنه وبخهم على ذلك توبيخا شديدا وأنكر عليهم ذلك في قوله: ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ يعني هل حضروا خلق الله لهم فعاينوهم إناثا.
الثالثة: أن شهادتهم الكاذبة بذلك ستكتب عليهم.
الرابعة: أنهم يسألون عنها يوم القيامة.
وهذه المسائل الأربع التي تضمنتها هذه الآية الكريمة، جاءت موضحة في غير هذا الموضع.
أما الأولى منها: وهي كونهم اعتقدوا الملائكة إناثا، فقد ذكرها تعالى في مواضع من كتابه كقوله تعالى: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً﴾ [الإسراء: ٤٠]، وكقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى﴾ [النجم: ٢٧]، وقوله تعالى: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ، أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً﴾ [الصافات: ١٤٩-١٥٠]، إلى غير ذلك من الآيات.
وأما المسألة الثانية، وهي سؤاله تعالى لهم على وجه الإنكار والتوبيخ والتقريع،