وفي القبلة قال تعالى ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السماء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [٢/١٤٤].
وأما في الأذان فقال تعالى ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً﴾ [٥/٥٨].
وقال في سورة الجمعة في هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ [٦٢/٩]، وكلاهما حكاية واقع وليس فيهما صيغة أمر كغير الأذان مما تقدم ذكره.
أما حديث ابن الحويرث فهو في خصوص جماعة وليس في شخص واحد كما هو نص الحديث.
وبقي النظر فيه في حق الجماعة هل هو على الوجوب في حقهم أم على الندب وإذا كان بالنصوص القرآنية المتقدمة أنه ليس شرطا لصحة صلاة الفرد فليس هو إذا بشرط في صحة صلاة الجماعة فيجعل الأمر فيه على الندب.
وعليه حديث ابن أبي صعصعة أن أبا سعيد قال له: "أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه البخاري ومالك في الموطإ والنسائي.
ومحل الشاهد فيه قوله رضي الله عنه فأذنت للصلاة فارفع صوتك فيفهم منه أنه إن لم يؤذن فلا شيء عليه وأنه يراد به الحث على رفع الصوت لمن يؤذن ولو كان في البادية لما يترتب عليه من هذا الأجر.
أما كونه شعارا للمسلمين فينبغي أن يكون وجوبه متعلقا بالمساجد في الحضر فيلزم أهلها كما قال مالك والشافعي في حق المساجد.
قال الشافعي يقاتلون عليه إن تركوه ذكره النووي في المجموع لدليل الإغارة في الصبح أو الترك بسبب سماعه وكذلك يتعلق في السفر بالإمام وينبغي أن يحرص عليه.


الصفحة التالية
Icon