تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام عليه عند قوله تعالى ﴿الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [١٨/٤٦]، وقد بين سبب لهو المال والولد عن ذكر الله بأن العبد يفتن في ذلك في قوله تعالى الآتي في سورة التغابن ﴿إِنَّما أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [٦٤/١٥].
أي لمن سخر المال في طاعة الله وبالتأمل في آخر هذه السورة وآخر التي قبلها نجد اتحادا في الموضوع والتوجيه.
فهناك قوله تعالى ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِما قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [٦٢/١١]
وجاء عقبه مباشرة سورة ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ [٦٣/١]، ولعله مما يشعر أن الذين بادروا بالخروج للعير هم المنافقون وتبعهم الآخرون لحاجتهم لما تحمل العير وهنا بعد ما ركن المنافقون للمال جاء ﴿لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ فكانت أموالهم فتنة لهم في مقالتهم تلك فحذر الله المؤمنين بقوله ﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾، سواء كان المراد بالأموال خصوص ذكر الخطبة والعير المتقدم ذكرهما أو عموم العبادات والمكتسبات.
قوله تعالى ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْنَاكُمْ﴾.
فيه الإنفاق من بعض ما رزقهم وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث الاقتصاد في الإنفاق عند قوله في أول سورة البقرة ﴿وَمِما رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [٢/٣]. قوله تعالى ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾.
وكذلك لا يقدمها عليه كما في قوله تعالى ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [١٠/٤٩].
وبين تعالى عدم تأخرهم مع أنهم وعدوا بأنهم يصدقون ويكونون من الصالحين مشيرا للسبب في قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ [٦٤/١١]، أي لو أخركم لأن شيمتكم الكذب وخلف الوعد وأن هذا دأب أمثالهم كما بينه تعالى في قوله {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ


الصفحة التالية
Icon