كما في مستهلها قوله تعالى ﴿قُتِلَ الْأِنْسَانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [٨٠/١٧-١٨].
ثم بين تعالى أنه خلقه من نطفة ماء مهين ولكن قدر الله تعالى قدرتها وصورتها حتى صارت خلقا سويا وجعل له وهو في بطن أمه عينين ولسانا وشفتين أي وأنفا وأذنين ويدين ورجلين وكل جهاز فيه حير الحكماء في صنعه ونظامه.
ثم قدر تعالى أرزاقه على الأرض قبل وجوده يوم خلق الأرض وجعله آية على قدرته وعاتب الإنسان على كفره ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ [٤١/٩-١٠].
وبعد وجود الكون وخلق الإنسان قدر في الإيجاد بإنزال المطر ﴿فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً﴾ [٨٠/٢٤-٢٨]
ثم إن صب هذا الماء كان بقدر كما في قوله تعالى ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السماء ماءً بِقَدَرٍ﴾ [٢٣/١٨].
وقوله ﴿وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [٤٢/٢٧]، أي بقدر ما يصلحهم ولو زاده لفسد حالهم كما في قوله قبلها ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشَاءُ﴾ [٤٢/٢٧]، وبقدر مصلحتهم ينزل لهم أرزاقهم.
كما نبه على ذلك بقوله ﴿إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [٩٦/٦-٧].
هذه لمحة عن حكمة تقدير العزيز الحكيم الذي أحسن كل شيء خلقه والذي قدر الأشياء قبل وجودها كما في قوله ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [٨٧/٣].
وكما في حديث القلم وكتابة كل شيء قبل وجوده بزمانه ومكانه ومقداره إن آية القدرة وبيان العجز قدرة الخالق وعجز المخلوق كما في قوله تعالى ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [٧/٣٤].
وكقوله ﴿وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ [٣٥/١١] أي: