وقد تقدم قوله تعالى ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ الآية [٥٨/١].
وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [٥٠/١٦].
وتقدم في سورة التحريم قبل هذه السورة مباشرة قوله تعالى ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَما نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ الآية [٦٦/٣]، ففيه بيان عملي مشاهد بأنه تعالى يعلم السر وأخفي ولذا قال تعالى هنا:
﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤]
كما قال في سورة "التحريم" ﴿قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [٦٦/٣].
وقال القرطبي نقلا عن أبي إسحاق الإسفرائيني من أسماء صفات الذات ما هو للعلم منها العليم ومعناه تفهيم جميع المعلومات ومنها الخبير ويختص بأن يعلم ما يكون قبل أن يكون ومنها الحكيم ويختص بأنه يعلم دقائق الأوصاف ومنها الشهيد ويختص بأن يعلم الغائب والحاضر ومعناه ألا يغيب عنه شيء ومنها الحافظ ويختص بأنه لا ينسى ومنها المحصي ويختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم مثل ضوء النهار واشتداد الريح وتساقط الأوراق فيعلم عند ذلك أجزاء الحركات في كل ورقة وكيف لا يعلم وهو الذي يخلق وقد قال ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ومن في قوله تعالى ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾، أجازوا فيها أن تكون فاعل ﴿يَعْلَمُ﴾ وهو الله تعالى أي إن الذي خلق يعلم ما خلق ومنه ما في الصدور.
وأجازوا أن تكون مفعولا والفاعل ضمير مستتر في الفعل ﴿يَعْلَمُ﴾، ذكرهما القرطبي وأبو حيان وهو واضح ومحتمل.
ولكن الذي نشهد له النصوص أنها مفعول كما في قوله ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [٤٢/١٢]: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [٤٠/١٩].
وقوله ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ﴾ [٣٧/٩٦]، ومن أعمالهم ما يسرون وما يجهرون والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon