ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [١٧/٢٣-٢٤]، مع أن والديه لم يكن أحدهما موجودا عند نزولها إلى غير ذلك من التعاليم العامة والخاصة التي اشتمل عليها القرآن.
وقد عني ﷺ بالأخلاق حتى كان يوصي بها المبعوثين في كل مكان كما أوصى معاذ بن جبل رضي الله عنه بقوله "اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن"
وقال ﷺ "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما تشاء" أي إن الحياء وهو من أخص الأخلاق سياج من الرذائل وهذا مما يؤكد أن الخلق الحسن يحمل على الفضائل ويمنع من الرذائل كما قيل في ذلك:

إن الكريم إذا تمكن من أذى جاءته أخلاق الكرام فأقلعا
وترى اللئيم إذا تمكن من أذى يطغى فلا يبقى لصلح موضعا
وقد أشار القرآن إلى هذا الجانب في قوله تعالى ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [١٣٤].
تنبيه
إن من أهم قضايا الأخلاق بيانه ﷺ لها بقوله "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
مع أن بعثته بالتوحيد والعبادات والمعاملات وغير ذلك مما يجعل الأخلاق هي البعثة.
وبيان ذلك في قضية منطقية قطعية حملية مقدمتها حديث صحيح وهو "الدين حسن الخلق" والكبرى آية كريمة قوله تعالى ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [٢/١٧٧].
ولمساواة طرفي الصغرى في الماصدق وهو الدين حسن الخلق يكون التركيب المنطقي بالقياس الاقتراني حسن الخلق هو البر والبر هو الإيمان بالله واليوم


الصفحة التالية
Icon