وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ} [٧/١٣٣].
وقوله تعالى بعدها ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ [٧/١٣٤/١٣٥].
فمن كانت هذه حالته وموسى يعاين ذلك منهم لا شك أنه يحكم عليهم أنهم لن يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم.
وكذلك كان دليل الاستقراء لرسول الله ﷺ في قومه استدل به على عكس الأقوام الآخرين حينما رجع من الطائف وفعلت معه ثقيف ما فعلت فأدموا قدميه وجاءه جبريل ومعه ملك الجبال واستأذنه في أن يطبق عليهم الأخشبين فقال: "لا اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إلاه إلا الله" وذلك أنه ﷺ علم باستقراء حالهم أنهم لا يعلمون فهم يمتنعون عن الإيمان لقلة تعلمهم وأنهم في حاجة إلى التعليم.
فإذا علموا تعلموا، وأن طبيعتهم قابلة للتعليم لا أنهم كغيرهم في إصرارهم لأنه شاهد من كبارهم إذا عرض عليهم القرآن وخوطبوا بخطاب العقل ووعوا ما يخاطبون به وسلموا من العصبية والنوازع الأخرى فإنهم يستجيبون حالا كما حدث لعمر وغيره رضي الله عنهم إلا من أعلمه الله بحاله مثل الوليد بن المغيرة ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً﴾ إلى قوله ﴿ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآياتنَا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً﴾ إلى قوله ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ [٧٤/١١-٢٦]، فعلم ﷺ حاله وماله ولذا فقد دعا عليه يوم بدر.
ومثله أبو لهب لما تبين حاله بقوله تعالى: ﴿سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ [١١١/٣-٤]، فلكون العرب أهل فطرة ولكون الإسلام دين الفطرة أيضا كانت الاستجابة إليه أقرب.
انظر مدة مكثه ﷺ من البعثة إلى انتقاله إلى الرفيق الأعلى ثلاثا وعشرين سنة كم عدد من أسلم فيها بينما نوح عليه السلام يمكث ألف سنة إلا خمسين عاما فلم يؤمن معه إلا القليل.


الصفحة التالية
Icon