المساجد أهو خصوص الصلاة أم للصلاة وغيرها.
ولنتصور حقيقة هذه المسألة ينبغي أن نعلم أولا أن البحث في هذه المسألة له ثلاث حالات:
الأولى شد الرحال إلى المسجد النبوي للزيارة وهذا مجمع عليه.
الثانية زيارة الرسول ﷺ والسلام عليه من قريب بدون شد الرحال وهذا أيضا مجمع عليه.
الثالثة شد الرحال للزيارة فقط.
وهذه الحالة الثالثة هي محل البحث عندهم ومثار النقاش السابق.
قال ابن حجر في فتح الباري على حديث شد الرحال قال الكرماني وقد وقع في هذه المسألة في عصرنا في البلاد الشامية مناظرات كثيرة وصنفت فيها مسائل من الطرفين.
قلت: أي: ابن حجر، يشير إلى ما رد به الشيخ تقي الدين السبكي وغيره على الشيخ تقي الدين بن تيمية وما انتصر به الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي وغيره لابن تيمية وهي مشهورة في بلادنا ا ه وهذا يعطينا مدى الخلاف فيها وتاريخه.
وقد أشار ابن حجر إلى مجمل القول فيها بقوله إن الجمهور أجازوا بالإجماع شد الرحال لزيارة النبي ﷺ وإن حديث "لا تشد الرحال" إنما يقصد به خصوص الصلاة وليس مكان أولى من مكان بالصلاة تشد له الرحال إلا المساجد الثلاثة لما خصت من فضيلة مضاعفة الصلاة فيها.
والشيخ تقي الدين جعل موضوع النهي عن شد الرجال عاما للصلاة وغيرها واعترض عليه باتفاق الأمة على جواز شد الرحال لأي مكان لعدة أمور كما هو معلوم.
ومما استدل به على عدم شد الرحال لمجرد الزيارة ما روي عن مالك كراهية أن يقال زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وأجيب عن ذلك بأن كراهية مالك للفظ فقط تأدبا لا أنه كره أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع


الصفحة التالية
Icon