فهذه منازلة في موضوع الحجرة والمسجد وهذا جواب عمر بن عبد العزيز.
وقد آلت إليه الخلافة وهو الخليفة الراشد الخامس وقد أقر هذا الوضع لما اتخذت تلك الاحتياطات من أن يكون القبر قبلة للمصلين وهذا مما لا شك فيه في خير القرون الأولى ومشهد من أكابر المسلمين مما لا يدع لأحد مجالا لاعتراض أو احتجاج أو استدلال وقد بحثت هذه المسألة من علماء المسلمين في كل عصر.
وقال القرطبي: بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي ﷺ فأعلوا حيطان ترتبه وسدوا المدخل إليها وجعلوها محدقة بقبره ﷺ ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره ا ه من فتح المجيد.
وقد قال بعض العلماء إن هذا العمل الذي اتخذ حيال القبر الشريف وقبري صاحبيه إنما هو استجابة دعائه ﷺ "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد" كما قال ابن القيم في نونيته، كابن تمية قال:

فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى غدت أرجاؤه بدعائه في عزة وحماية وصيان
وقال صاحب فتح المجيد ودل الحديث أن قبر النبي ﷺ لو عبد لكان وثنا ولكن حماه الله تعالى بما حال بينه وبين الناس فلا يوصل إليه.
ودل الحديث على أن الوثن هو ما يباشره العابد من القبور والتوابيت التي عليها ا هـ.
وهذا الذي قاله حقيقة دقيق ماخذها لأنه لو لم يكن بعد إدخال الحجرة في مامن من الصلاة إليه لكان وثنا وحاشاه ﷺ يكون في حياته داعيا إلى الله وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى يكون قبره وثنا ينافي التوحيد ويهدم ما بناه في حياته.
وكيف يرضى الله لرسوله ذلك حاشا وكلا هذا مجمل ما قيل في هذه المسألة.


الصفحة التالية
Icon