وهذه الآية بقسميها جاء نظيرها بقسميها أصرح من ذلك في قوله تعالى ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾ [٨/١١] والله تعالى أعلم.
وقد جعل الشافعي هذه الآية دليلا على الطهارة للصلاة.
قوله تعالى ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [المدثر: ١٠].
الناقور هو الصور وأصل الناقور الصوت وقوله ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾.
وقيل عسير وغير يسير على الكافرين.
وقال الزمخشري إن غير يسير كان يكفي عنها يوم عسير إلا أنه ليبين لهم أن عسره لا يرجى تيسيره كعسر الدنيا وأن فيه زيادة وعيد للكافرين.
ونوع بشارة للمؤمنين لسهولته عليهم ولعل المعنيين مستقلان وأن قوله تعالى: ﴿يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾. هذا كلام مستقل وصف لهذا اليوم وبيان للجميع شدة هوله كما جاء في وصفه في قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [٢٢/١-٢] ومثل قوله تعالى ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾ [٨٠/٣٤-٣٥] ونحو ذلك.
ثم بين تعالى أن اليوم العسير أنه على الكافرين غير يسير كما قال تعالى عنهم ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [٧٣/١٧-١٨]، بينما يكون على المؤمنين يسيرا مع أنه عسير في ذاته لشدة هوله إلا أن الله ييسره على المؤمنين كما بين تعالى هذه الصورة بجانبها في قوله تعالى من سورة "النمل": ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ - إلى قوله -: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [٢٧/٨٧-٩٠].