للقسم ولام ابتداء واستدل له بقراءة قنبل أي ﴿لا أُقْسِمُ﴾ متصلة أما كونها لام ابتداء لقراءة قنبل والحسن فقد تقدم أن ابن جرير لا يستجيز هذه القراءة لإجماع الحجة من القراء على قراءتها مفصولة ﴿لا أُقْسِمُ﴾.
ولعل أرجح هذه الأوجه كلها أنها لتوكيد القسم كما ذكر ابن جرير عن نحويي الكوفة والله تعالى أعلم.
قوله تعالى ﴿أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ﴾ [القيامة: ٣].
هذا الحسبان قد جاء مصرحا به في قوله تعالى ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [٣٦/٧٨].
وجاءه الجواب ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ الآية [٣٦/٧٩].
قوله تعالى ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤].
كل المفسرين على أن المعنى نجعل بنانه متساوية ملتحمة كخف البعير أي لا يستطيع أن يتناول بها شيئا ولا يحسن بها عملا.
وهذا في الواقع لم نفهم له وجها مع السياق فهو وإن كان دالا على قدرة الله وعجز العبد ولكن السياق في إنكار البعث واستبعاده ومجيء نظير ذلك في سورة "يس" يرشد إلى أن سبحانه قادر بعد موت العبد وتلاشيه في التراب وتحول عظامه رميما فهو قادر على أن يعيده تماما كما أنشأه أول مرة ومن ضمن تلك الإعادة أن يسوي بنانه أي يعدلها وينشؤها كما كانت أول مرة والعلم عند الله تعالى.
ويرشد له قوله تعالى ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [٣٦/٧٩]، ومن الخلق ما كان عليه خلق خلق هذا الإنسان المكذب المعترض فهو سبحانه يعيده على ما كان عليه تماما وهذا أبلغ في القدرة وأبلغ في الإلزام يوم القيامة والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْأِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لا وَزَرَ﴾ [القيامة: ٧-١١].
قرى ء ﴿بَرِقَ﴾ بكسر الراء وفتحها فبالكسر فزع ودهش أصله من برق الرجل إذا نظر إلى البرق فدهش بصره ومنه قول ذي الرمة: