وقوله تعالى ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ فيه بيان مبدء خلق الإنسان وله أطوار في وجوده بعد النطفة علقة ثم مضغة ثم خلقا آخر وكل ذلك من لا شيء قبله
كما قال تعالى ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ [١٩/٩].
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك عند الآية الكريمة ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ قوله تعالى ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾ [الانسان: ٣]. الهداية هنا بمعنى البيان كما في قوله تعالى ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [٤١/١٧].
والسبيل: الطريق السوي وفيه بيان انقسام الإنسان إلى قسمين شاكر معترف بنعمة الله تعالى عليه مقابل لها بالشكر أو كافر جاحد.
وقوله: ﴿إِمَّا شَاكِراً﴾ يشير إلى إنعام الله تعالى على العبد وقد ذكر تعالى نعمتين عظيمتين:
الأولى: إيجاد الإنسان من العدم بعد أن لم يكن شيئا مذكورا وهذه نعمة عظمى لا كسب للعبد فيها.
والثانية: الهداية بالبيان والإرشاد إلى سبيل الحق والسعادة وهذه نعمة إرسال الرسل وإنزال الكتب ولا كسب للعبد فيها أيضا.
وقد قال العلماء هناك ثلاث نعم لا كسب للعبد فيها:
الأولى: وجوده بعد العدم.
الثانية: نعمة الإيمان.
الثالثة: دخول الجنة.
وقالوا: الإيجاد من العدم تفضل من الله تعالى كما قال: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [٤٢/٤٩-٥٠]، ومن جعله الله عقيما فلن


الصفحة التالية
Icon