كانت السورة مكية إلا أن العبرة بعموم اللفظ كما هو معلوم.
وقد نقل ابن كثير عن ابن عباس أنها في الفرس من المشركين وساق قصة أسارى بدر.
واختار ابن جرير أن الأسرى هم الخدم والذي يظهر والله تعالى أعلم أن الأسارى هنا على معناها الحقيقي لأن الخدم لا يخرجون عن القسمين المتقدمين اليتيم والمسكين وهؤلاء الأسارى بعد وقوعهم في الأسر لم يبق لهم حول ولا طول فلم يبق إلا الإحسان إليهم.
وهذا من محاسن الإسلام وسمو تعاليمه وإن العالم كله اليوم لفي حاجة إلى معرفة هذه التعاليم السماوية السامية حتى مع أعدائه وقد تقدم شيء من ذلك عند الكلام على قوله تعالى ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ [٦٠/٨]، وهؤلاء بعد الأسر ليسوا مقاتلين.
قوله تعالى ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً﴾ [الإنسان: ١١].
تقدم معنى قوله تعالى ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾ [٧٥/٢٢]، وهنا جمع لهم بين النضرة والسرور والذي يظهر والله تعالى أعلم أن النضرة لما يرون من النعيم والسرور لما ينالونه من النظر إلى وجه الله الكريم كما تقدم ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [٧٥/٢٢-٢٣]، فيكون السرور نتيجة النظر إلى وجه الله الكريم والله تعالى أعلم.
قوله تعالى ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً﴾ [الإنسان: ١٥-١٥].
فيه التنصيص على أواني الفضة في الجنة.
وجاء بصحاف من ذهب وأكواب وهي محرمة في الدنيا كما هو معلوم وقد بين تعالى أن الذي يطوف عليهم هم ﴿وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً﴾ [٧٦/١٩].
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الطور عند قوله { وَيَطُوفُ


الصفحة التالية
Icon