وقد جاء عن عمر رضي الله عنه قوله أمران في الجاهلية أحدهما يبكيني والآخر يضحكني.
أما الذي يبكيني فقد ذهبت بابنة لي لوأدها فكنت أحفر لها الحفرة وتنفض التراب عن لحيتي وهي لا تدري ماذا أريد لها فإذا تذكرت ذلك بكيت.
والأخرى كنت أصنع إلها من التمر أضعه عند رأس يحرسني ليلا فإذا أصبحت معافي أكلته فإذا تذكرت ذلك ضحكت من نفسي.
أما سبب إقدامهم على هذه الجريمة الشنيعة وما دفعهم على ارتكابها فقد ناقشه الشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه بتوسع عند قوله تعالى من سورة "النحل" ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ الآية [٥٧/٥٩].
وبهذه المناسبة فإن هنا تنبيهين لا بد من إيرادهما.
التنبيه الأول
منهما ما يشبه الوأد في هذه الآونة الحديثة وهو التعرض لمنع الحمل بأي وسيلة كانت.
وقد بحثت هذه المسألة قديما وحديثا أما قديما ففي عملية العزل وجاء فيه حديث جابر "كنا نعزل والقرآن ينزل" رواه مسلم.
زاد إسحاق قال سفيان لو كان شيئا ينهي عنه لنهانا عنه القرآن وجاء فيه فبلغ ذلك النبي ﷺ فلم ينهنا.
كما جاء التحذير الشديد في حديث حذامة بنت وهب أخت عكاشة قالت حضرت رسول الله ﷺ في أناس قال "لقد هممت أن أنهي عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئا"، فسألوه عن العزل فقال: "ذلك الوأد الخفي".
زاد عبد الله في حديثه عن المقري زيادة وهي ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ﴾.


الصفحة التالية
Icon