وبين أن في عدم الإيفاء المطلوب بخس الناس أشياءهم وفساد في الأرض بعد إصلاحها.
الموضع الثالث في سورة "هود" ومع شعيب أيضا ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾ [الآية ٨٤-٨٦].
وبنفس الأسلوب أيضا كما تقدم ربطه بعبادة الله تعالى وحده وتكرار الأمر بعد النهي ﴿وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ﴾ ثم ﴿أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾ نهي عن نقصه وأمر بإيفائه نص على المفهوم بالتأكيد ﴿وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ مع التوجيه بأن ما عند الله خير لهم.
الموضع الرابع في سورة بني إسرائيل ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [١٧/٢٩]، أي اعتدال في الإنفاق مع نفسه فضلا عن غيره ثم إن الله يبسط الرزق لمن يشاء ثم ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ﴾ [١٧/٣١]، وكلها في مجال الافتصاد وبعدها ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى﴾ [١٧/٣٢]، ﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [١٧/٣٣].
وقد يكون الباعث عليهما أيضا غرض مالي ﴿وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [١٧/٣٤]، وهو من أخص أبواب المال
ثم الوفاء بالعهد ثم ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [١٧/٣٥]، فمع ضروريات الحياة حفظ النفس والعرض والمال يأتي الحفاظ على الكيل والوزن.
الموضع الخامس في سورة الشورى وهو أعم مما تقدم وجعله مقرونا بإنزال الكتاب في قوله تعالى ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [٤٢/١٧].


الصفحة التالية
Icon